الصين تستكشف من جديد أسرار العلاج بالأعشاب ~ مجلة هارمونيكا

Sunday, February 12, 2012

الصين تستكشف من جديد أسرار العلاج بالأعشاب

كثيرا ما تحدثت الأساطير الصينية منذ أزمنة طويلة عن مزايا زهرة تيان شان شوي ليان، وهي زهرة بيضاء نادرة تنمو في جبال يكسوها الجليد تستخدم كدواء له مفعول السحر.. أو إكسير يمكن أن يساعد من شدة قوته على إعادة الموتى للحياة.

لكن، في مختبرات بشنغهاي وهونغ كونغ، يجري علماء أبحاثا على هذه الزهرة ذات الأطراف المدببة التي في حجم ثمرة الأفوكادو، على أمل أن يستخلصوا منها دواء جديدا لمعالجة اختلال ضربات القلب، وهو مرض خطير يرفع من احتمال الإصابة بالجلطة.

وسعيا للوصول إلى أدوية أفضل وأحدث، يجري علماء الصين مجددا أبحاثا على الأدوية الصينية التقليدية التي تستخدم الجذور والأعشاب، التي ظلت تستخدم لآلاف السنين للتوصل إلى المادة الفعالة حتى يتسنى تحويلها إلى أدوية يمكن تصنيعها واستهلاكها بسهولة.

لكن، على خلاف الكثير من صناع الأدوية الصينيين الذين يبيعون بالفعل الأدوية التقليدية في صورة مساحيق وكبسولات، فإن العلماء يخطون خطوة إضافية من خلال إخضاع هذه الأدوية التجريبية لاختبارات إكلينيكية مكثفة لتحقيق إقبال عالمي أوسع نطاقا.

وقال لي كوي رونغ أستاذ أمراض القلب في جامعة هونغ كونغ «ظلت الزهرة تستخدم لآلاف السنين في شينجيانغ والتبت والهند لمعالجة مجموعة من الأمراض.. بالنسبة للصينيين كانت تستخدم في اختلال ضربات القلب». وأضاف «عكفت ثماني سنوات على هذا الموضوع. هدفنا هو إعادة الإيقاع المختل لضربات القلب لوضعه الطبيعي.. باستخدام دواء له آثار جانبية أقل». 

ومع سعي الصين إلى تحويل قاطرة نموها إلى صناعات التكنولوجيا المتقدمة الأقل ضررا بالبيئة والتزامها بتخصيص 1.7 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لتنميتها، يتمتع علماء صينيون بدعم حكومي غير مسبوق وتوفير أموال لتطوير أدوية وأدوات تشخيصية أفضل لأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسرطان.

وبدعم من تمويل حكومي، بدأ لي وزملاؤه في معهد شنغهاي للطب الدوائي دراسة زهرة تيان شان شوي ليان قبل ثماني سنوات التي تنمو على ارتفاع ثلاثة آلاف متر فوق سطح البحر في التبت.

واستخرجوا منها المكون الرئيسي وهو الأكاسيتين واستحدثوا المادة الصناعية المشابهة وحققوا نجاحا في تجارب أجريت على كلاب تعاني اختلال ضربات القلب. 

وهم الآن يعملون على تنقية المركب ويأملون أن يبدأوا التجارب البشرية خلال ثلاث سنوات. وقال لي «حصلنا على براءة اختراع له (الأكاسيتين) ونأمل أن نحوله إلى دواء بالتعاون مع سينوفارم (شركة لتوزيع الأدوية). نأمل أن نسوقه في الصين وعلى مستوى العالم في النهاية». 

وفي حين أن الأدوية الصينية التقليدية ظلت تستخدم لآلاف السنين، فهي لا تتمتع بقدر كاف من الفهم والقبول خارج الصين. ومن خلال إخضاع المركبات المستخلصة من الأدوية التقليدية للتجارب الإكلينيكية، يأمل خبراء أن يثبتوا فاعليتها وبيعها في الأسواق الأجنبية. 

وتزامنا مع سعي الصين لتحديث قطاع الأدوية المحلية، تعمل شركات الأدوية الغربية على الحفاظ على هامش الربح الذي تحصل عليه في الصين وسط تراجع في الأرباح بالأسواق الغربية.

والسبب واضح وبسيط، فسوق الدواء في الصين، التي من المرجح أن تصبح ثاني أكبر سوق في العالم بحلول عام 2020، ستزيد قيمته على 110 مليارات دولار عام 2015 بدلا من 50 مليارا عام 2010. 

وفي حين أن القدر الأكبر من الاهتمام ينصب على ما تفعله شركات الأدوية الغربية في الصين، يقول مطلعون إن قدرا كبيرا من الموارد يوجه إلى أبحاث الأدوية التقليدية، وستصبح أفضل الأدوية التقليدية في نهاية المطاف بين أكثر الأدوية التي يصفها أطباء العالم. 

وعلى مدى العامين الماضيين، خصصت حكومة الصين 6.7 مليار يوان لدعم شركات التكنولوجيا الحيوية وأبحاث الدواء الجديدة. 

وإلى جانب سينوفارم التي تنافس عالميا بالأدوية ذات الجودة العالية، هناك شركات أخرى تنتج الأدوية التقليدية وترغب في تخصيص المزيد من الموارد للبحث والتطوير على مدى السنوات الخمس المقبلة. 

وشجع أشهر المنتجات الدوائية التي تصدرها الصين، وهو دواء أرتيميسينين لعلاج الملاريا، هذا الأسلوب العكسي في البحث القائم على التوصل إلى المادة الفعالة للأدوية التقليدية بعد استخدامها آلاف السنين. 

وتستخلص مادة أرتيميسينين من شجرة مريم التي ظلت تستخدم لآلاف السنين لمعالجة الملاريا. وتمكن مشروع تابع للجيش الصيني في الستينات من عزل المادة الفعالة وأصبحت منذ ذلك الحين أفضل خط دفاع في مواجهة الملاريا.

وقال جيسون مان محلل الأدوية والرعاية الصحية في باركليز كابيتال في هونغ كونغ «الحكومة الصينية تدعم الأدوية التقليدية. إنه تراث مهم.. أمر يدعو للفخر. لا يمكن أن يكون تاريخ ممتد خمسة آلاف سنة على خطأ. إنها تتسم بالعملية. إنها أمراض صعبة مكلفة.. أيا كانت الوسيلة التي تلجأ إليها لجعل المرضى يشفون ويخرجون من المستشفى لهو أمر جيد».
الجمال نت

0 comments:

Post a Comment